menu_bgservdownloadthemesdirforumhome
Smf عربى



المحرر موضوع: متى يحرم الطعام على الصائم  (زيارة 6535 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل بنت جزائر الأبطال

  • عضو شرف
  • *
  • مشاركة: 159
  • الشعبية: +3/-0
  • الجنس: أنثى
    • مشاهدة الملف الشخصي
متى يحرم الطعام على الصائم
« في: 04 , سبتمبر, 2009 - 01:48:40 مسائاً »



 - أخبرنا مالك، حدثنا عبد الله بن دينار، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: إنَّ بلالاً ينادي (1) بليلٍ (2) فكُلُوا (3) واشربوا حتى
(1) أي يؤذّن، قوله: ينادي، في هذا الحديث مشروعية الأذان قبل الوقت في الصبح، وهل يُكتفى به عن الأذان بعد الفجر أم لا؟ ذهب إلى الأول الشافعي ومالك وأحمد وأصحابهم، وروى الشافعي في القديم عن عمر أنه قال: عجِّلوا الأذان بالصبح، يدلج المدلج، وتخرج العائرة.
 وصحح في "الروضة" أن وقته من أول نصف الليل الآخر، وهذا هو مذهب أبي يوسف من الحنفية وابن حبيب من المالكية، لكن على هذا يُشَكل قولُ القاسم بن محمد المرويِّ عند البخاري في "الصيام" لم يكن بين أذانيهما أي أذان بلال وأذان ابن أمِّ مكتوم إلا أن يرقى ذا وينزل ذا. ومن ثمَّ اختار السبكي في "شرح المنهاج" أن الوقت الذي يُؤَذّن فيه قبل الفجر هو وقت السَّحَر، كذا في "إرشاد الساري".
(2) قوله: بليل، قال مالك: لم تزل صلاة الصبح يُنادى لها قبل الفجر، فأما غيرها من الصلوات فإنا لم نرها يُنادى لها إلا بعد أن يحلّ وقتها، قال الكرخي من الحنفية: كان أبو يوسف يقول بقول أبي حنيفة، لا يؤذَّن لها حتى أتى المدينة، فرجع إلى قول مالك، وعلم أنه عملهم المتصل. قال الباجي: يظهر لي أنه ليس في الأثر ما يقتضي أن الأذان قبل الفجر لصلاة الفجر، فإن كان الخلاف في الأذان ذلك الوقت فالآثار حجّة لمن أثبته، وإن كان الخلاف في المقصود به فيحتاج إلى ما يبيِّن ذلك.
(3) فيه إشعار بأن الأذان كان علامة عندهم على دخول الوقت فبيَّنَ أن أذان بلال على خلاف ذلك.

(4) قوله: حتى ينادي ابنُ أم مكتوم، قد أخرج هذا الحديث الشيخان وغيرهما من حديث ابن عمر وعائشة. ورواه ابن خزيمة من حديث ابن مسعود وسَمُرة وصحّحهما. وفي الباب عن أنس وأبي ذرّ. وروى أحمد وابن خزيمة وابن حبان من حديث أنيسة بنت حبيب هذا الحديث بلفظ: إن ابن أم مكتوم يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن بلال. وروى ابن خزيمة عن عائشة مثله، وقال: إن صح هذا الخبر فيحتمل أن يكون كان الأذان بين بلال وابن أم مكتوم نوباً، فكان بلال إذا كانت نوبته يعني السابقة أذن بليل، وكذلك ابن أم مكتوم، وجزم به ابن حبان أنه صلّى الله عليه وسلّم جعل الأذان بينهما نوباً. وحكم ابن عبد البر وابن الجوزي ومن تبعهما على حديث أنيسة بالوهم، وأنه مقلوب، كذا في "تخريج أحاديث الرافعي" لابن حجر.
(5) فإنه ينادي أول ما يبدأ الصبح.
 - أخبرنا مالك، حدثنا الزهري (1)، عن سالم مثله، قال (2): وكان ابنُ أمِّ مكتوم لا يُنادي (3) حتى يُقَالَ له: قد أصبحت.
قال محمد: كان (4) بلالٌ ينادي بليل في شهر رمضان لسحور (5) الناس، وكان ابن أمِّ مكتوم ينادي للصلاة بعد طلوع الفجر، فلذلك قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: كلوا واشربوا حتى ينادي ابنُ أمِّ مكتوم (6).

(1) لم يُختلف على مالك في الإِسناد الأول أنه موصول، وأما هذا فرواه يحيى وأكثر الرواة مرسلاً، فوصله القعنبي، فقال: عن سالم عن أبيه، قاله ابن عبد البر.
(2) عين الطحاوي أن قائله ابن شهاب.
(3) لكونه أعمى.
(4) قوله: كان بلال...إلى آخره، أجاب أصحابنا القائلون بعدم جواز الأذان قبل الوقت مطلقاً ولو بالصبح عن الأحاديث المُثْبَتة له بوجوه: الأول: ما أشار إليه ههنا، وهو أن أذان بلال بليل لم يكن للصلاة ليُحكم به بجواز أذان الفجر قبل دخول وقته، بل كان لسحور الناس في شهر رمضان خاصّة، وأذان الفجر إنما كان ما يؤذّنه ابن أم مكتوم بعد طلوع الفجر.

ويعضده رواية مسلم مرفوعاً: لا يمنعن أحدكم أذان بلال من سحوره فإنه يؤذِّن أو قال: ينادي ليرجع قائمكم ويوقظ نائمكم. وأخرج الطحاوي عن ابن مسعود مرفوعاً: لا يمنعنّ أحدكم أذان بلال من سحوره، فإنه ينادي أو يؤذّن ليرجع غائبكم أو لينتبه نائمكم. ففي هاتين الروايتين وأمثالها تصريح بأن أذان بلال ليس للصلاة بل لأمر آخر، والثاني: أن بلالاً إنما كان يؤذّن بليل لأنه كان في بصره سوء لا يقدر به على تمييز الفجر، ذكره الطحاوي وأيّده بما أخرجه عن أنس مرفوعاً: لا يغرّنكم أذان بلال فإن في بصره شيئاً، وقال: فدل ذلك على أن بلالاً كان يريد الفجر فيخطئه لضعف بصره فأمرهم النبي صلّى الله عليه وسلّم أن لا يعلموا على أذانه إذ كان من عادته الخطأ لضعف بصره (انظر شرح معاني الآثار 1/82 - 84).
 انتهى. وفيه بُعْد ظاهر فإنه لو كان كذلك لم يقرِّره النبي صلّى الله عليه وسلّم مؤذناً له وعلى تقدير التقرير لم يؤذِّن له بأذان الصبح. والثالث: المعارضة بأحاديث أخر، منها ما أخرجه أبو داود عن شداد عن بلال أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال له: لا تؤذن حتى يستبين لك الفجر هكذا، ومدّ يده عرضاً. وأخرج الطحاوي والبيهقي عن نافع عن ابن عمر عن حفصة: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان إذا أذّن المؤذن بالفجر قام فصلى ركعتي الفجر، ثم خرج إلى المسجد، وكان لا يؤذِّن حتى يصبح. وأخرج أبو داود عن ابن عمر أن بلالاً أذَّن قبل طلوع الفجر، فأمره النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يرجع فينادي: ألا إن العبد قد نام.

 وفي الباب أخبار أخر مبسوطة في "تخريج أحاديث الهداية" للزيلعي وغيره، والحق في هذا المقام أنه لا سبيل إلى المعارضة، فإن الأحاديث المثبتة للأذان بليل صحيحة وما عداها مقدوحة كما بسطه الزيلعي وغيره، وتخصيص كونه برمضان فقط ليس بذلك ما لم يثبت بأثر صحيح صريح، وزَعْمُ أنه كان للصلاة غير مستند إلى دليل يُعتدّ به، بل الظاهر أن أذان بلال بليل كان لإِرجاع القائمين وإيقاظ النائمين، فهو ذكر بصورة الأذان، فافهم فإن الأمر مما يُعرف ويُنكر.
(5) بالضمّ، مصدر بمعنى الأكل وقت السحر، وأما بالفتح فهو اسم لما يؤكل فيه.
(6) قوله: ابن أم مكتوم، اسمه عمرو، وقيل: الحصين، فسمّاه النبي صلّى الله عليه وسلّم عبد الله، أسلم قديماً، وشهد القادسية في خلافة عمر واستشهد بها، والأشهر في اسم أبيه قيس بن زائدة، واسم أمه عاتكة المخزومية، وزعم بعضهم أنه وُلد أعمى، فكنيت أمُّه به لاكتتام نور بصره، كذا ذكره الزرقاني.
موطأ الإمام مالك