menu_bgservdownloadthemesdirforumhome
Smf عربى



المحرر موضوع: انتصار الرسول صلى الله عليه وسلم  (زيارة 2390 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل بنت جزائر الأبطال

  • عضو شرف
  • *
  • مشاركة: 159
  • الشعبية: +3/-0
  • الجنس: أنثى
    • مشاهدة الملف الشخصي
انتصار الرسول صلى الله عليه وسلم
« في: 13 , أبريل, 2009 - 01:13:48 مسائاً »

انتصار الرسول
لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من حصر العدو دخل في حصر النصر، فعبثت أيدي سراياه بالنصر في الأطراف فطار ذكره في الآفاق، فصار الخلق معه ثلاثة أقسام‏:‏ مؤمن به، ومسالم له، وخائف منه‏.‏ ألقى بذر الصبر في مزرعة ‏ «‏فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل» ‏ سورة الأحقاف، الآية 35‏، فإذا أغصان النبات تهتز بخزامى‏ ‏:‏‏ «‏والحرمات قصاص‏» ‏ البقرة‏:‏ 194‏، فدخل مكة دخولا ما دخله أحد قبله ولا بعده‏.‏ حوله المهاجرون والأنصار لا يبين منهم إلا الحدق‏‏‏.‏ والصحابة على مراتبهم، والملائكة فوق رؤوسهم، وجبريل يتردد بينه وبين ربه، وقد أباح له حرمه الذي لم يحله لأحد سواه، فلما قايس بين هذا اليوم وبين يوم‏ «‏ وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك» ‏الأنفال‏:‏ 30‏‏ فأخرجوه ثاني اثنين‏.‏

دخل وذقنه تمس قربوس ‏‏ سرجه خضوعا وذلا لمن ألبسه ثوب هذا العز الذي رفعت إليه فيه الخليقة رؤوسها ومدت إليه الملوك أعناقها‏.‏ فدخل مكة مالكا مؤيدا منصورا‏.‏ وعلا كعب بلال فوق الكعبة بعد أن كان يجر في الرمضاء على جمر الفتنة، فنشر بزا ‏ طوي عن القوم من يوم قوله‏:‏‏ «‏ أحد أحد‏» ‏‏.‏ ورفع صوته بالأذان، فأجابته القبائل من كل ناحية، فأقلبوا يؤمون الصوت، فدخلوا في دين الله أفواجا وكانوا قبل ذلك يأتون آحادا‏.‏
فلما جلس الرسول على منبر العز، وما نزل عنه قط، مدت الملوك أعناقها بالخضوع إليه‏.‏ فمنهم من سلم إليه مفاتيح البلاد، ومنهم من أخذ في الجمع والتأهب للحرب، ولم يدر أنه لم يزد على جمع الغنائم وسوق الأسارى إليه‏.‏

 فلما تكامل نصره وبلغ الرسالة وأدى الأمانة وجاءه منشور‏:‏‏ «‏ إنا فتحنا لك فتحا مبينا، ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما وينصرك الله نصرا عزيزا‏» ‏ سورة الفتح‏:‏ الآية 1‏‏ وبعده توقيع:‏ « إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا‏» ‏ سورة النصر‏:‏ الآية 1‏‏ ، جاءه رسول ربه يخيره بين المقام في الدنيا وبين لقائه، فاختار لقاء ربه شوقا إليه، فتزينت الجنان ليوم قدوم روحه الكريمة لا كزينة المدينة يوم قدوم الملك‏.‏
إذا كان عرش الرحمن قد اهتز لموت بعض أتباعه‏‏ فرحا واستبشارا بقدوم روحه، فكيف ستعلم يوم الحشر أي سريرة تكون عليها ‏ « ‏يوم تبلى السرائر‏» .

الفوائد_الإمام شمس الدين أبي عبد الله بن قيم الجوزية